تحتاج المرأة في جميع أطوار سني عمرها المختلفة إلى لمسات حانية
وكلمات عذبة تلامس مشاعرها المرهفة وطبيعتها الأنثوية !
وبعض من تخلو بيوتهم من تلك الإشراقات المتميزة يكون للشقاء فيها نصيب ، وقد تكون
قنطرة يعبر عليها من أراد الفساد إذا قل دين المرأة ونزع حياؤها وسقط عفافها !
وقد اطلعت على معلومات أفجعتني وسمعت قصصاً أقضت مضجعي !
فإحداهن سقطت في الفخ لأنه قيل لها : " أنت جميلة" ، وهي كلمة لم تسمعها مطلقاً !
وأخرى زلت قدمها عندما رفع أحدهم صوته : " أنت امرأة ذات ذوق رفيع ... " ، وآخريات
صادتهن شباك الذئاب البشرية لجوع عاطفي وفراغ نفسي لم يشبعه زوجها أو أبوها !
ولست أسوغ الفعل - ومعاذ الله ذلك - ولا يجوز للمرأة أن تتخذ هذا النقص فيمن حولها
ليكون سلماً إلى الحرام ! لكن السؤال موجه إلى البعض :
لماذا لا نغلق تلك الأبواب دون الذئاب المتربصة ونلبي حاجات من حولنا عاطفياً
ونفسياً ؟
ولا يُظن أن هذا الأمر مقصور على النساء فحسب بل إن جزءاً كبيراً من انحراف الأطفال
والأحداث سببه نقص العاطفة لديهم ، إما بحرمان من عاطفة أم ، وإما من حنان أب ،
وإما من غير ذلك !
وبعض الفتيات كان طريق الغواية لديهن هو البحث عن العاطفة لدى شاب تسمع منه عبارات
الإطراء والإعجاب وكلمات الحب والصداقة !
ونعجب أن بناتنا معزولات عن آبائهن وأمهاتهن ، وليس لهن حق في المجالسة والمحادثة
والنقاش وإيراد الطرفة والتحدث بهمومهن وآمالهن!
فسارعي أيتها الأم وأجلسي ابنتك بجوارك وسابقيها في نزهتك ، واجعلي بعض وقتك لها ،
وستجدين من السعادة والمتعة ما لا تجدينه في أمور أخرى !
وأنت أيها الأب تلقف ابنتك بالحب والحنان والعطف ولين النفس قبل أن يتلقفها غيرك ،
أو أن تتزوج فلا تراها إلا كل شهر دقائق معدودة ... ووالعجب من التماهل في هذا الأمر فلا نغلق هذه الطرق .
ولا نسارع في سد هذا النقص ، زوجاتنا يعشن في صحراء قاحلة لا
يرين الابتسامة ولا يسمعن كلمة المحبة!
وبناتنا معزولات عن آبائهن وندر منهن من تسمع كلمات الثناء على أناقتها وحسن
اختيارها !
وأما صغارنا فقد حرموا من الهدية وتناسينا أن المزاح معهم من سنن المصطفى صلى الله
عليه وسلم .
وفي دوحة الأسرة الصغيرة ضنت الألسن بكلمة جميلة وهمسة حلوة تذيب جليد العلاقات
الفاترة بين الزوجين خصوصاً ... وبينهم وبين أولادهم عموماً .
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم له السهم الوافر وقصب السبق في تلمس الحاجات
العاطفية والرغبات البشرية ، فقد كانت سيرته مع زوجاته وبناته لا تخلو من حسن تبعل
وتدليل وممازحة وملاطفة وحسن إنصات .
فها هو عليه الصلاة والسلام إذا أتت فاطمة ابنته رضي الله عنها قام إليها فأخذ
بيدها فقبلها ، وأجلسها مجلسه . وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته
وأجلسته في مجلسها وكان إذا رآها رحب بها وهش وقال : " مرحباً بابنتي" .
أما مع زوجاته عليه الصلاة والسلام فقد ضرب المثل الأعلى في مراعاتهن وتلمس حاجاتهن
، بل هاهو عليه الصلاة والسلام يجيب عن سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه ويُعلمه أن
محبة الزوجة لا تخجل الرجل الناضج السوي .
فقد سأل عمرو بن العاص : أي الناس أحب إليك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : "عائشة "
. وكان عليه الصلاة والسلام من حسن خلقه وطيب معشره ينادي أم المؤمنين بترخيم اسمها
ويخبرها خبراً تطير له القلوب والأفئدة ، قالت عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوماً : " يا عائشة ، هذا جبريل يقرئك السلام " وكان عليه
الصلاة والسلام يتحين الفرص لإظهار المودة والمحبة ،
تقول عائشة رضي الله عنه :-
" إن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ "
لكل رجل : راجع حساباتك وتفقد أمرك ، فالأمر مقدور والإصلاح يسير وفيه تأس بالأخيار
وحماية من المزالق وسد لهذه الثغرات المهمة في حياة كل نفس بشرية . |